[منهج الصحابة والتابعين عند تفسيرهم لآية الرخصة {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}]
فأما الصحابة والتابعون وتابعوهم بإحسان فلكونهم عرفوا مراد بعضهم البعض، وكانوا قريبي عهد بالتشريع الرباني فلم يكونوا محتاجين لمثل هذا التفصيل والبيان الذي ذكرناه، مع ما كانوا عليه من منهج يتحاشون فيه الكلام في التفسير من عند أنفسهم، ويقتصرون في بيان المعنى المراد بالمثال، بدليل أنه لم ينقل لنا أي حادثة أو واقعة تدل على خلاف بينهم في تفسير الآية، مع كثرة خروج النساء بينهم.
فمن نسب نزاعاً كان بينهم في فريضة الحجاب، من نوع النزاع الحاصل اليوم بين الفريقين، أو من نوع ما نقل عنهم في بعض الأحكام، فيكون بنسبته تلك قد قال ما لا يعلم وما لا دليل عليه وجنى بافترائه على الصحابة وتلاميذهم ما لم يقولوه، وإن وجد في بعض نقول المتقدمين من قال أنهم اختلفوا فإنما يعنون به اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، كنحو ما أشار إليه ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" وشيخ الاسلام ابن تيمية والإمام الزركشي والشاطبي في "الموافقات" وغيرهم، ولهذا فليحذر الذين ينسبون أن في فريضة الحجاب خلافاً وأن الأمر بين السنة والواجب، فيكون افترى في دين الله ما ليس فيه.