الأدلة على أن معنى الخصوصية الثانية والتي عناها المتقدمون لأمهات المؤمنين هي أنهن حجبن عن أبنائهن فكن بذلك مخصوصات عن بقية الأمهات وكن كالأجنبيات
فالمتقدمون قصدوا معنىً ثانياً متفقاً عليه بينهم وهو أنه مع كونهن أمهات للمؤمنين وجاء تحريم النكاح بهن فقد فرض عليهن الحجاب كبقية النساء، فكن بذلك مخصوصات دون أمهات العالمين ومن يحرم النكاح بهن، في الحجاب من أبنائهن وممن يحرم النكاح بهن، فهذه هي الخصوصية الثانية التي قصدوها، وهي ظاهرة كالشمس لأنها بنص القرآن، وكان من الطبيعي القول بجواز كشفهن لوجوههن، ولكن أوجب الله عليهن الحجاب كبقية النساء، ولهذا فإنك لو قلت عبارة:(أن أمهات المؤمنين مخصوصات بالحجاب) أو نحو قولك: (تغطية الوجه مما اختصت به أمهات المؤمنين) لكان قولك حقاً وصواباً، لأنك تعنى أنهن لسن كبقية الأمهات اللاتي لا يلزمهن الحجاب من أبنائهن.
ولكن جاء من لم يفهم المعنى والمقصد الذي أراده الله عز وجل وبينه أهل العلم، ففهموه بعكس ذلك وقالوا فرض تغطية الوجه خاص بأمهات المؤمنين وسنة على غيرهن، مع أن الإجماع وكلام أهل العلم في ذلك دال على أنهن كبقية النساء الأجنبيات فكان في قولهم تحريف وتبديل وتصحيف دون أن يكون لهم سلف في ذلك إلا الظن والمتشابهات مما