ولهذا أحببت قبل البدء بذكر بقية أقوال أئمة التفسير المنتسبين لتلك المدارس الفقهية المتنوعة على قوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أن أبين اصطلاحات أئمة وعلماء تلك المذاهب، لأن القارئ الكريم سيلحظ تباين واختلاف في كلامهم على مسألة علة الأمر، وسيجد أقوالهم واصطلاحاتهم، وبخاصة من يقول أنهما ليسا بعورة فإذا لم يكن قد علم معناها ومرادها عندهم وإلا سيختلط عليه الأمر وسيقع في كثير من التناقضات والإشكاليات عند قراءته لكلامهم، كما وقع فيها الكثير وسيجد أن هناك شيئاً غير واضح في كلامهم.
فمثلا كيف يقولون أن الوجه والكفين ليسا بعورة ثم يشترطون لجواز كشفه حالة الضرورة والحاجة ويمثلون بالبيع والشهادة ونحو ذلك، فقولهم: بجواز كشفه في حال الضرورة فهذا مما يعكر على من نسب إليهم أنهم على مذهب سفور الوجه اليوم، وقولهم: الوجه والكفين ليسا من العورة. يعكر على من نسب إليهم أنهم على مذهب وجوب ستر الوجه، وهذا بسبب ما يعتقده البعض من أن قولهم ليسا بعورة يلزم منه قولهم بكشف الوجه في أحوالها العادية، والحق أنه ليس بلازم كما رأيت، فهم يوجبون ستره ولكن بعلة أخرى أنسب لديهم وهي علة الفتنة والشهوة.
وأما من لم يفهم قواعد الفقهاء المتقدمين واصطلاحاتهم وتأصيلهم للمسألة فقد نسب إليهم خلاف التضاد.