هذه الآية نزلت بعد الآية التي أخبر بها أنس أنها من أول ما نزل في شأن الحجاب، وكلامه واضح أنه نزل بعدها آيات، وانظر كيف أمر الله سبحانه وتعالى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بأن يبلغهن بنفسه بفرض الحجاب عليهن، وكيف أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يبدأ تبليغ ذلك الأمر بزوجاته أمهات المؤمنين وببناته الطاهرات وبنساء المؤمنين، وفي هذين الملحظين بيان لأهمية الحجاب ومكانته، وكبير قدره وشرفه حيث دُعي إليه أهل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل غيرهن من النساء، بل دُعي إليه من هن في حكم الأمهات قبل غيرهن من الأجنبيات.
وهذه الآية مما أجمع عليها المفسرون قاطبة نقلا عن الصحابة وبخاصة ابن عباس رضي الله عنهما، بأنها الأمر بلبس النساء للجلابيب وتغطيتهن لوجوههن، ولم يذكروا عند تفسيرهم لهذه الآية أي خلاف في ذلك بتاتاً، ولم يذكروا فيها وجود قول آخر ككشف المرأة لوجهها، أو غير ذلك، فهو إجماع صريح ثابت صحيح، مذكور منهم للأمانة، ومدون في كتبهم، خلف عن سلف فهو بلا شك مما علمه وفسره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لصحابته الكرام، وتناقلوه جيلاً بعد جيل، وسيأتي بيان ذلك نقلاً وتفصيلاً.