مع ما توافرت به النصوص عنهم في أمر النساء بستر وجوههن، دون أن يرد عنهم ولو نص واحد يقول بجواز أن تسفر النساء عن وجوههن، سوى ما تعلق في أذهان البعض من المتشابهات، فكان إجماعاً لا ينكره إلا جاهل بأحوالهم، متبع للشبهات معرض عن المحكمات المتواترات.
[منهج أئمة التفسير والفقه عند تفسيرهم لآية الرخصة]
وأما من جاء بعدهم من أئمة الإسلام من الفقهاء والمفسرين فقد تتابعوا في بيان المعنى الإجمالي من الآية ونصوا على كونها رخصة من الله، بل وبينوا ذلك بنوع من التفصيل والتمثيل القريب مما بيناه هنا لأنه لم تكن بعد قد تفاقمت بدعة القول بالسفور والتحريف والتبديل الواقع اليوم في مسألة الحجاب، فكان بيانهم أنها رخصة من الله لأن تبدي المرأة من زينتها كما في حالات الضرورة كالشهادة والمحاكمة والخطبة والعلاج وغيرها، وأنه إذا عرف شخصها من خلف النقاب أو ببعض وجهها اكتفي بذلك ولم يجاوزه، وعند الأخذ والإعطاء تظهر باطن الكف، لا ظاهره، لان ذلك هو القدر مما تحتاجه في هذه الحالة، وغير ذلك كثير كما سيمر معنا من إجماعهم، وما سننقله من أقوالهم بمشيئة الله تعالى، وذلك بعد كلامنا على المبحث التالي حيث أن مناسبته هناك.