كل ما سبق وغيره مقدمات قبل فرض الحجاب حتى نزلت أول آية في شأن الحجاب كما أخبر بذلك أنس رضي الله عنه خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأعلم الناس بشأن الحجاب قال: (وكنت أعلم الناس بشأن الحجاب حين أنزل وكان أول ما أنزل في مبتنى رسول الله بزينب بنت جحش - إلى أن قال - فإذا هم قد خرجوا فضرب النبي بيني وبينه بالستر - وفي رواية - فذهبت أدخل، فألقى الحجاب بيني وبينه، وأنزل الحجاب فخرج رسول الله وقرأهن على الناس:{يا أيها الذين أمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم} إلى قوله: {من وراء حجاب}[الأحزاب: ٥٣] متفق عليه.
وهذه الآية في بداية التحجب وذلك بمنع دخول الرجال على النساء جميعاً وعلى هذا جميع المفسرين كما سيأتي في مبحث الخصوصية إن شاء الله فإن كان هذا في حق نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وهن في حكم الأمهات كما نصت عليه الآية السادسة من نفس سورة الأحزاب فغيرهن من النساء اللاتي لسن بأمهات ولا محارم للمؤمنين من باب أولى.
وكون الصحابة عاصروا نزول القرآن لم يختلط عليهم مثل هذا الأمر في أن كل ما أمرت به أمهاتهم بعد ذلك، من التصون والحجاب عن من هم في حكم الأبناء لهنَّ، كان بديهياً أن يُفهم منه حينها دخول نساء المؤمنين في ذلك الأمر وهن لسن بأمهات ولا محارم لأولئك الرجال، وقد أوضحنا سبب ذكر الآية لبيوت النبي - صلى الله عليه وسلم - بالذات؛ لأن