والحافظ ابن حجر في الفتح وغيره لم يردوا على القاضي عياض أو ابن بطال وغيرهم ممن قالوا بخصوصية حجب شخوص أمهات المؤمنين على أنهم دعاة سفور، بل ردوا عليهم فيما فهموا منهم من مسألة خصوصيتهن في عدم ظهور شخوصهن ولو كن مستترات الوجوه، وهذا ما فهمه الحافظ ابن حجر من كلام القاضي عياض وغيره أيضا. وليس فيه بتاتا ما يقوله اليوم دعاة السفور، فاستنتجوا من خلاف الحافظ ابن حجر ورده على أولئك فهما مغلوطاً، وهو أن بينهم خلافا في أصل المسألة وذلك بسبب ما عشعش في عقولهم من أن كل خلاف بين المتقدمين، هو خلاف في أصل فريضة الحجاب؛ فابتدعوا قولاً لم يقل به أحد من السابقين.
فبالله عليكم قوم يقولون:(تحريم رؤية أشخاص أزواجه ولو في الأزر) يعني ولو مستترات في ثيابهن، ويريدون منهن أن يقرن في بيوتهن كحكم المعتدات، وإذا خرجن أحطن بالخيام أو الهوادج ونحوها، وهذه درجة كبيرة جداً من الستر، فهل يمكن أن يتساهلوا لدرجة القول بخروج غيرهن من النساء سافرات الوجوه؟ هذا قياس يبعد القول به بل أقوالهم هنا تدل على أن غيرهن من النسوة يخرجن بشخوصهن ويكشفن عند الضرورة كالشهادة ونحو ذلك، فكان في موضع ما ادعاه أهل السفور من الباطل رد على باطلهم لو يعلمون.