ذلك يمكن القول به، أما أن يفهموا الخصوصية بأن تحتجب الأمهات ومن يحرم النكاح بهن عن الأبناء ولا تحتجب النساء الأجنبيات عن الأجانب، فهذا والله العكس تماماً لمعنى الخصوصية الحقيقية التي إمامنا وهي أنهن خصصن عن غيرهن من الأمهات بالتحجب من أبنائهن، أو عن تلك الخصوصية التي فهمها السلف وتكلموا عنها من التشديد والتغليظ عليهن أكثر من غيرهن من النساء، فلا يدخل في عقل أحد سليم الفطرة صافي الطوية جليل التعظيم لبيت النبوة أن يقول مثل هذا، أو أن الله يُنْزِل الآيات في ستر الوجه خاصة لزمن محدود جداً، بعمر حياة أمهات المؤمنين فقط، ألا جعلهم لو صدقوا كبقية نساء المسلمين؟ وهن أولى وأحرى والفتنة منهن وإليهن أبعد، ولو سكتوا لكان أولى بهم من هذا التخريف والتحريف والتبديل والتصحيف لمراد الله ومراد رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومراد أهل العلم، فأهل العلم يتكلمون في شيء وهم يفهمونه في شيء آخر.
وقوله:(والظاهر أن هذا ليس متفقاً عليه فقد حكى القرطبي في كون نسائه عليه السلام كالأمهات في الحرمة وإباحة النظر أو في الحرمة فقط قولين ولكن الظاهر منهما الثاني) وأيد الثاني وهو حرمة أمهات المؤمنين مع عدم إباحة النظر إليهن فهن كبقية نساء العالمين مع كونهن في حكم الأمهات أي في معنى دون معنى، وهذا بإجماع أهل العلم كما ترى هنا، وسيأتي المزيد عند كلامنا على الخصوصية الثانية المتفق عليها بمشيئة الله تعالى.