(الوجه والكفان ليسا بعورة) فظهر أعتراضهم على اولئك أكثر من ظهور علتهم في المسألة.
ولهذا لا المتقدمون ولا أحد ممن جاء بعدهم فهموا من كلام القاضي عياض ما فهمه أهل السفور اليوم، فبحثوا في كتب السلف وكلامهم على مثل هذه العبارات من المتشابهات ثم حرفوها وبدلوها وصحفوها - من غير أن يقصدوا - بأدنى التأويلات وقذفوها في قلوب الناس، ولو وجدوا في صريح أقوالهم ما يدل على السفور لما تمسكوا بنقل مثل هذه الشبهات والأحتمالات، وهذا ما لن يجدوه لان صريح أقوالهم قد مرت معنا وستمر في وجوب ستر المرأة لوجهها عن الرجال.
فالقاضي عياض يشرح حديث نظر الفجأة وقوله - صلى الله عليه وسلم - عندما سأله جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال:«سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نظر الفجأة: فأمرني أن أصرف بصري» رواه مسلم.
فاستدل به رحمه الله على أصل المسألة وهو أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها أونحو ذلك، متى ما تيقنت من عدم وجود الرجال الأجانب أو في حال وجودهم ولكن لا يمكنهم النظر إليها وكلام القاضي عياض مبني على أساس أصل المسألة وما فهمه من الحديث، وهو أنه كيف يمكن أن يُتصور تحقق نظر الفجأة الذي قصده الصحابي وسأل عنه لو كانت النساء لا يكشفن وجوههن بتاتاً ولو عند عدم وجود من ينظر لهن من الرجال؟ فدل عنده على أنها قد تسير في بعض الأحيان كاشفة عن وجهها لرؤية الطريق وقد تمر بالرجال ممن لا يمكنهم مشاهدة وجهها، ونحو ذلك كما لو كانت الطريق خالية، فاستنتج