للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهنا زعموا أن قول الطبري: (ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) أن بين الصفتين اختلاف تضاد فأداهم ذلك لورطة أخرى وخطأ أكبر وأشنع، وهو أنه يلزم من قولهم ذلك أن يبرهنوا أن لفظة التقنّع الواردة في الصفة الثانية (وإدناء الجلباب: أن تقنع وتشد على جبينها) لا تعني ستر الوجه، ونقل نقلا مبتورا وناقصاً عن بعض أهل اللغة يفيد أنها بمعنى الستر فقط، فقالوا ليس فيها ستر الوجه، بل ومن العجيب أنهم قالوا: (أن التقنّع الذي يلبسه المحاربون لا يكون على الوجه بتاتا فإنه لو كان على الوجه كيف يبصرون الطريق فضلا عن القتال، وأنه وإن ورد عن البعض أنه يستر الوجه فهذا مجاز عن إحاطته بالوجه وليس حقيقة في تغطيته) (١)، وبهذه البساطة نسفت فريضة النقاب ووجوبه في الشريعة المطهرة، وأما كيف يبصرون؟ فإن الأطفال الصغار يعرفون الأقنعة ويلبسونها ويمكنهم أن يجيبوا بأن للمقاتلين في أقنعتهم فتحتين أمام العينين يبصرون بها، بل وورد لفظ القناع الذي يستر الوجه في السنة واللغة وقصص العرب بشكل مستفيض لا يحصى، سنأتي لذكره باستفاضة، بل لو أنهم نظروا في كلام الطبري بنوع من التأمل قليلا، لأغناهم عن ذلك كله، ولعلموا مقصده وأن التقنع يستر الوجه أيضا فقد نقل الإمام الطبري في الصفة الأولى بعد أثر ابن عباس، أثر عبيدة السلماني وكيف وصف ابن عون


(١) نقلاً من كلام الشيخ محمد الألباني رحمه الله في كتابه: (الرد المفحم على من خالف العلماء وتشدد وتعصب، وألزم المرأة بستر وجهها وكفيها وأوجب، ولم يقتنع بقولهم: أنه سنة ومستحب) ..

<<  <   >  >>