التصحيف والتحريف والتبديل لمنهج الأئمة الأعلام وطريقة فهم كلامهم، ثم ما يترتب على ذلك الفهم الخاطئ من التحريف والتبديل لحكم الله ورسوله، وظن أنه بمجرد قول الطبري:(ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) ظن وجود خلاف في أصل معنى الإدناء، بمعنى أن الطبري قصد من الخلاف هنا خلاف التضاد الذي لا يمكن معه الجمع بين الأقوال في الصفتين المختلفتين لأن مؤداهما ليس لشاء واحد، وهو الأمر بتغطية الوجوه بل لشيئين متضادين، فتكون الصفة الأولى لتغطية الوجه، والثانية لتغطية الرأس فقط، والحقيقة الواضحة من كلام الطبري هو أنه عني بالخلاف هنا خلاف التنوع وهو (في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) وكيف تكون طريقة الإدناء وطريقة ستر النساء لشعورهن ووجوههن؛ لأنه قد قرر ابتداءً معنى الإدناء وهو مخالفة الإماء وذلك بسترهن لشعورهن ووجوههن إذا خرجن، وبهذا يكون الخلاف خلاف تنوع وليس كما توهمه البعض وذلك لأمور جلية وبينة كالشمس، فإن الطبري قصد بقوله وإن اختلفت الصفة والطريقة للستر ولكن مؤداهما واحد وهو الإدناء الذي أمرهن الله به من ستر الشعر والوجه بأي الصفتين كان ذلك، إما بالسدل والإرخاء والإلقاء من فوق رأسها، وإما بطريقة النقاب والتقنع والبرقع واللثام، ولا يكون بهذه الأمور إلا بطريقة أخرى وهي الشد على الجبين وبالعطف والضرب على الوجه.
وذِكرُ الطبري لكلام السلف في اختلاف طريقة ستر الوجه كان لفائدة عظيمة سنأتي لذكرها، ولكن عدم فهمهم لمقصد ومنهج الصحابة