لم تكن من أصل زينة المرء، كقوله تعالى:{فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ}[القصص: ٧٩]، وكقوله تعالى:{قل من حرم زينه الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق}[الأعراف: ٣٢]، وكقوله تعالى:{والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينه ويخلق ما لاتعلمون}[النحل: ٨]، وكقوله تعالى:{وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا في الحياة الدنيا}[يونس: ٨٨]، وكقوله تعالى:{إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا}[الكهف: ٧]، وغير ذلك كثير من الآيات الدالة على أن الزينة تطلق أيضا على ما يتزين به الشئ وهو ليس من أصله بل خارج عنه.
وكِلا الزينتين حق وصواب حيث وردت في أقوال السلف عند تفسيرهم للآية الكريمة وتلقتها الأمة بالقبول، فكأنهم في كل مرة يُسألون أو يفتون أو يفسرون كانوا يقصدون أن يلفتوا الأنظار لمعنى الآية الواسع في جواز أن تبدي المرأة من زينتها ما تدعو الحاجة إليه ومما لابد من ظهوره منها في كثير من الأحوال، فكانوا في كل مرة يمثلون بزينة كالوجه والخاتم والكحل وغير ذلك من زينتها الخلقية أو المكتسبة، وهم حينما مثلوا بالوجه أو الكفين لم يقصدوا تحديد الزينة بتلكم الأقوال بقدر ما قصدوا المثال والنوع الذي يكثر ويغلب حاجة المرأة والناس إليه في أحوالهم الحياتية كما في أحوالها العديدة التي تحتاج وتضطر المرأة لكشف وجهها وكفيها فيها، وأما سبب تمثيلهم بالزينة دون تمثيلهم للأحوال والحاجات والضروريات؛ لأن الزينة سواء كانت الخَلقية أو