تحتاج المرأة لكشفه كحالة البيوع والشهادة والخِطبة ونحو ذلك مما ذكره الفقهاء في كتبهم ومما يلزم معه معرفة شخصها مثلوا به، ولهذا اشتهر وعده أكثر الفقهاء أنه ليس من العورة، لكثرة احتياجها لضرورة كشفه حيث أباحته الشريعة، وجاز كشفه في العبادات كالصلاة ونحوها ولم تبطل، فلم يناسب عند أكثرهم أن يُقال عنه انه من العورة.
وإلا فهم لم يقصدوا بقولهم ذلك التحديد بالوجه فقط دون غيره كما نقلنا أقوالهم آنفا، وإنما مثلوا بما تحتاج المرأة إلى إبدائه من زينتها، فهم قصدوا ألمثال بالوجه لحالة هي الأكثر و (الأولى) والغالب مما تحتاج المرأة لكشفه كما جاء ذلك عن الطبري وعدد من الفقهاء والمفسرين في كتبهم فكانت هي المشهورة والأولى؛ وإلا فقد تحتاج وتضطر لإبداء أكثر من الوجه أو أقل منه.
ولهذا عندما ذكروا خضاب كفيها لم يكن ذلك منهم تحديداً لخضاب الكف فقط، بقدر ما كان لبيان الأحوال التي تحتاج أو تضطر المرأة فيها لإظهار كفيها، وهي أحوال كثيرة، وبخاصة لنساء العهد الأول حيث كن يسقين الزروع ويحرثن الأرض ويعجن الطعام ويجلبن الماء ويغسلن حوائجهن ويعلفن الدواب ويركبنها ويقطفن الثمار كما كن يخرجن للأسواق ويشترين وما يحتاجه ذلك من الأخذ والإعطاء ومن ملامستهن للأشياء وتفحصها كالحبوب والأقمشة ونحو ذلك مما لا يمكنهن معه ستر أيديهن، مع حرصهن قدر الإمكان على ألا يبدو من زينتهن تلك أمام الرجال شيء إلا ما ظهر رغماً عنها، فإذا انقضت حاجتهن كان لإحداهن فص في طرف كمها تدخل كفيها في كم جلبابها