آمنة في حرمها من دخول أو اطلاع أحد عليها فلا يلزمها لبس جلبابها وهي في حرم بيتها ومع خلو نظر الأجانب إليها، فالمرأة تحتاج وهي في مهنة أهلها وزوجها، ورعاية بيتها وما حوله لأن تخرج لتؤدي بعض الأعمال في حدود ملك أهلها، وخاصة المتزوجات منهن والكبيرات، وفي الزمن الأول كانت النساء تزرع وتحصد وتعمل في سقي الأشجار وطبخ الطعام، وكانت غالب تلكم الأعمال في ساحة بيوتهم ومزارعهم، فجوزوا لها أن تخرج بثيابها وهي في حكم كونها داخل بيتها، ولو صادف مرور أحد الغرباء، سترت وجهها بما لديها من خمار أو برقع من فوق رأسها ونحوه، وهذا معلوم في النساء المنقبات لعهد قريب، فهذه الثياب مما لا بد من ظهوره ويشق عليهن القيام بمثل تلك الأعمال أن يلبسن الجلابيب عليهن وهن في محيط بيوتهن فكيف بنساء الزمن الأول اللاتي قد لا يجدن إلا جلبابا واحدا؟ بل قد لا يجدن ذلك أصلا، بعكس الثياب المعتادة، مما تفهم معه لمَ فسره الصحابة بذلك؟
ولو أراد ابن مسعود تفسير {إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} بالجلباب لما قال الثياب بل لذكر الجلباب؛ لأنه هو اللفظ القرآني والثياب غالبا لا تسلم من أن تكون مزينة بالألوان والأشكال، التي لا يجوز أن تتزين بها الجلابيب والعباءات، لأنها جاءت للستر لا للفت الأنظار.
وسواء كان المقصد بالثياب الجلابيب وأنها في أصلها زينة تلبسها النساء أو كان المقصد الدرع والخمار التي تلبسها المرأة في محيط بيتها وما حوله من أملاكها أو أملاك زوجها أو أهلها، فهم إنما قصدوا بذلك