بكونه هداية وقال الآخر هو كلام الله وقال آخر هو ذكر الله وقال آخر هو النور وغير ذلك، فكل واحد ذكر وصفاً مختلفاً عن الآخر وهم يعنون شيئاً واحداً لا غير هو القرآن الكريم.
وهنا إنما قصدوا المعنى العام للرخصة بمثال ونوع لكل حالة، واختلافهم في هذا من قبيل اختلاف التنوع لا اختلاف التضاد وقد مر معنا أن ألفاظ السلف في التفسير واختلافهم غالباً هو من باب خلاف التنوع لأن خلاف التضاد: أن يكون بين القولين تضاد، أي: لا يمكن اجتماعهما، وأما خلاف التنوع: هو أن تكون المادة المستعملة تختص في قول ما لا تختص في القول الآخر، بمعنى أن صاحب القول الأول يذكر وجهاً من المعنى لا يذكره صاحب القول الثاني، وصاحب القول الثاني يذكر وجهاً من المعنى لا يذكره صاحب القول الأول، ويكون المعنى الأول والثاني كلاهما صحيح، ويحصل التمام باجتماعهما، وغالب ما يكون خلاف التنوع في كلام السلف في التفسير، فإن الناظر في كتب التفسير كتفسير ابن جرير وهو أخص كتاب في المأثور يرى أن أقوال الصحابة والتابعين، ولا سيما من انشغل منهم بالتفسير فيها اختلاف كثير وعامةُ هذا الاختلاف أما لفظي وأما تنوع، بمعنى أن يذكر أحدهما معنى ويذكر الآخر معنى آخر، لكن يمكن اجتماعهما ويكمل أحدهما الآخر.
كما نصَّ عليه سفيان الثوري وابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" والشاطبي في "الموافقات" وابن تيمية في مواضع عدة وغيرهم.