للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما سورة النور وما فيها من قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]، فقد نزلت بعد ذلك بفترة، فكان ما فيها من آيات عديدة في مسائل الحجاب تفصيل وبيان واستثناء ورخص من الأصل السابق، وهذا معلوم من طريقة القرآن وأسلوبه ورحمة الله بعباده والتوسعة عليهم، والدليل على ذلك أمور جلية وبينة منها:

١ - أن سورة الأحزاب وحادثة التحزب والخندق المذكورة في السورة كانت في السنة الخامسة من الهجرة على الصحيح المشهور كما قاله ابن كثير في تفسيره وابن إسحاق وغيرهم (١)، فهي بلا خلاف قبل سورة النور والتي ذُكر في آياتها وقائع حادثة الإفك التي وقعت في السنة السادسة للهجرة.

٢ - أن سورة النور ذكرت حادثة الإفك كما في الآية رقم (١١) ثم جاء بعدها قوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١] وقد بينت عائشة رضي الله عنها عند روايتها للحادثة التي وقعت لها أنهن قد أمرن قبل ذلك بتغطية وجوههن عن الرجال كما أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما فيما حكته عن نفسها قالت: (وكان صفوان من وراء الجيش فأصبح عند منزلي فرأى سواد إنسان فأتاني، فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت


(١) سيرة ابن هشام (٣/ ١٦٥). وقد جزم ابن حزم في جوامع السيرة (صـ ١٤٧) وابن القيم في زاد المعاد (٣/ ٢٦٩)، وغيرهما من العلماء المحققين بصحة قول ابن إسحاق.

<<  <   >  >>