وعلة ذلك الحكم الشرعي، ويكون خلافهم عندئذ من قبيل خلاف التنوع لا خلاف التضاد، وهذا معلوم ومشهور في غالب كلامهم على مسائل الفقه ليس هذا المجال مجال بسطها هنا، ومثال ذلك كاتفاقهم في تحريم كثير من أنواع البيوع والمعاملات التي جاءت النصوص الشرعية الصريحة من الكتاب والسنة في النهي عنها كالربا ونحوه، ولكن عندما يستنبطون من الأحكام العلل والمقاصد، فكثيرا ما يختلفون فمنهم من يقول علة التحريم لتلك البيوع والتعاقدات هي أكل أموال الناس بالباطل، ويذهب غيرهم إلى أن علة التحريم وسببه هو الغرر أو الجهالة، وقد يصل اختلافهم في بعض المسائل لحدٍ كبير من النقاش والجدال الفقهي الذي يطول لاعتبارات كثيرة مما يحسب معه العامي ممن لا فقه عنده ولا دراية بأحوالهم، أنهم مختلفون في أصل المسألة وأساسها، والحق أنهم متفقون في أصل حكم المسألة، وكذلك في صحة كثير من العلل والاستنباطات والمقاصد، فمثلاً الربا وغيره من البيوع المحرمة فهي أكل لأموال الناس بالباطل وهي أيضا من باب الغرر والجهالة في بعضها الآخر، وهكذا في كثير من أوامر الشريعة المطهرة كفريضة الأمر بأداء الزكاة فمن قائل أنها لتزكية وطهارة النفوس والأموال، ومن قائل أنها للنماء والزيادة في الأموال، وغير ذلك، وكله حق وصواب.