استدلوا في نظره على السفور بحجة ضعيفة وبعيده وهي (ما يظهر حال صلاتها) و (بما يظهر في العادة والعبادة) وكأنه أراد منهم أن يستدلوا بالأحاديث والآثار التي فهمها هو وغيره من المتأخرين اليوم على أنها تعني جواز كشف المرأة لوجهها، ولهذا قال:(لدليل بل لأدلة أخرى غير هذه كما يأتي بيانه) فهل لم يكونوا مطلعين عليها؟ والحق أنهم يتكلمون في آية الرخصة وتحديد ما ينكشف من المراة عند الحاجة والصلاة، والشيخ يحسب أنهم يستنتجون أدلة لمذهب السفور.
ومن ضمن المتقدمين الذين قووا القول بتحديد هذا القدر بالوجه والكفين عند الحاجة.
١٧ - الإمام البيهقي رحمه الله في سننه الكبرى (١):
فبعد إيراده لقوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} ونَقلهُ لأقوال الصحابة فيها وحديث أسماء ثم تضعيفه للحديث قال كلاماً يقوى به ذلك التحديد فظنه الشيخ الألباني أنه يقصد تقوية الحديث وهو إنما قوى أصل المسألة في تحديد القدر الظاهر في الصلاة وعند الحاجة كغيره من الأئمة، فهذا غلط أيضا على البيهقي، لأن الألباني لو تابع كلامه إلى آخره لتبين له مقصده في "كتاب النكاح" ورؤية الخاطب حيث قال: ...
(١) سنن البيهقي الكبرى (٧/ ٨٦)، وسنأتي لنقل كلام الإمام البيهقي وشرحه بإسهاب في المبحث السابع عند ردنا لشبهة استدلال وفهم أهل السفور لحديث أسماء بنت أبي بكر الصديق ومخالفتهم لفهم السلف لهم (صـ ٤٨٧).