ولهذا لم يعجبه أن يطلق القول بحل النظر عند الحاجة للوجه والكفين مباشرة على ظاهر حديث أسماء، لأنهم فهموا منه عند الرخص والرخصة تقدر بقدرها، ورأى أن في ذلك تحريض وتوسع في كشف العورات بلا داعٍ ولا حاجة؛ فقد لا تحتاج لكشف الوجه كله ولا الكفين فيمكن أن يعرفها ببعض ذلك وقد صرحوا في أبواب الشهادة على أنه لو عرفها وهي منقبة أو ببعض وجهها جاز أن يشهد كما سيأتي قول كثير منهم، واعتبر ذلك تحريضا فكيف لو سمع بمقالة القوم اليوم وما فهموه من حديث أسماء وغيره، بدون وجود الضرورة للرخصة ماذا سيقولون فيهم؟ .
وسبق لنا عند تفسير أقوال الصحابة بيان الحالات التي قصدها كل صحابي من أقوالهم المختلفة وأنها تعني شيئا واحدا وهو أن الآية رخصة، فذكر كل واحد منهم مقداراً من الزينة الجائز إظهارها في بعض أحوال الضرورة وهذا ما فهمه منهم الشارح وغيره من أهل العلم رحمهم الله تعالى، ولهذا فيحسن بنا نقل الأصل والمتن لما فيه من مزيد فوائد.
٣٠ - فقال في تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق للزيلعي الحنفي:(فصل في النظر والمس) قال رحمه الله: (لا ينظر إلى غير وجه الحرة وكفيها) وهذا كلام فيه خلل لأنه يؤدي إلى أنه لا ينظر إلى شيء من الأشياء إلا إلى وجه الحرة، وكفيها فيكون تحريضا على النظر إلى هذين العضوين، وإلى ترك النظر إلى كل شيء سواهما، وليس هذا