وأنا على تلك الحال، فكيف أصنع؟ فنزلت:{يا أيها الذين أمنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأنسُوا}[النور: ٢٧].
قال الإمام ابن كثير عند تفسيره للآية السابقة من قوله تعالى:{لَّا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاء أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً {٥٥}[الأحزاب]: (لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب، بين أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم، كما استثناهم في سورة النور، عند قوله:{ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء} إلى آخرها، [النور: ٣١] وفيها زيادات على هذه) انتهى كلامه يرحمه الله.
وهكذا في الآيات التي بعدها - من سورة الأحزاب - في الأمر بالحجاب حال خروجهن من البيوت بدأ الله أيضا بأمهات المؤمنين زوجات النبي - صلى الله عليه وسلم - وبناته ونساء المؤمنين بأن يدنين عليهن من جلابيبهن ويسترن كامل زينتهن بما في ذلك وجوههن.
ثم في سورة النور فصل سبحانه وتعالى فبعد أن أكد الأمر السابق {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ}، استثني فرخص بإبداء الزينة في حالات الحاجة والضرورة بقوله تعالى:{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}[النور: ٣١]