من يدها (١)، وذهب بعض الشافعية إلى حل النظر إلى الوجه والكف إن أمنت الفتنة وليس بمعول عليه عندهم، وفسر بعض أجلتهم ما ظهر بالوجه والكفين بعد أن ساق الآية دليلا على أن عورة الحرة ما سواهما وعلل حرمة نظرهما بمظنة الفتنة فدل ذلك على أنه ليس كل ما يحرم نظره عورة ... ويكون المعنى أن ما ظهر منها من غير إظهار كأن كشفته الريح مثلا فهن غير مؤاخذات به في دار الجزاء، وفي حكم ذلك ما لزم إظهاره لنحو تحمل شهادة ومعالجة طبيب ... وقال ابن بحر: الزينة تقع على محاسن الخلق التي فعلها الله تعالى وعلى ما يتزين به من فضل لباس، والمراد في الآية النهي عن إبداء ذلك لمن ليس بمحرم واستثنى ما لا يمكن إخفاؤه في بعض الأوقات كالوجه والأطراف) انتهى تفسير الألوسي.
وهذا الكلام من ابن بحر هو ما عليه إجماع العلماء من المفسرين والفقهاء كما مر بنا، وكلام الألوسي هو في مجرد مناقشته لاصطلاحاتهم في العلل والمقاصد فمن قائل بعورة ومن قائل بمظنة خشية الفتنة. وقوله:(وعلل حرمة نظرهما بمظنة الفتنة فدل ذلك على أنه ليس كل ما يحرم نظره عورة) وهذه علة التحريم عند من لم يقل أن الوجه والكفين عورة فلا يلزم من عدم كونهما من العورة جواز كشفهما، لأن العلة عندهم هي الفتنة والشهوة وهذه كافية للتحريم.
(١) وهذا ما يبين لك شدة حرصهم على الستر والحجاب بحيث حرموا النظر لما انفصل من المرأة، فكيف يقال أن من بينهم من يقول بكشف المرأة لوجهها بلا سبب مبيح، ثم لا ينقل لنا نزاعهم كما هو اليوم.