للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كما تجد كتب أهل الكلام مشحونة بذلك يحكون إجماعاً ونزاعاً ولا يعرفون ما قال السلف في ذلك البتة; بل قد يكون قول السلف خارجاً عن أقوالهم كما تجد ذلك في مسائل أقوال الله وأفعاله وصفاته; مثل مسألة القرآن والرؤية والقدر وغير ذلك. وهم إذا ذكروا إجماع المسلمين لم يكن لهم علم بهذا الإجماع فإنه لو أمكن العلم بإجماع المسلمين لم يكن هؤلاء من أهل العلم به; لعدم علمهم بأقوال السلف فكيف إذا كان المسلمون يتعذر القطع بإجماعهم في مسائل النزاع بخلاف السلف فإنه يمكن العلم بإجماعهم كثيراً.

وإذا ذكروا نزاع المتأخرين لم يكن بمجرد ذلك أن يجعل هذه من مسائل الاجتهاد التي يكون كل قول من تلك الأقوال سائغاً لم يخالف إجماعاً; لأن كثيراً من أصول المتأخرين محدث مبتدع في الإسلام مسبوق بإجماع السلف على خلافه والنزاع الحادث بعد إجماع السلف خطأ قطعا كخلاف الخوارج والرافضة والقدرية والمرجئة ممن قد اشتهرت لهم أقوال خالفوا فيها النصوص المستفيضة المعلومة.

وإجماع الصحابة بخلاف ما يعرف من نزاع السلف فإنه لا يمكن أن يقال: أنه خلاف الإجماع وإنما يرد بالنص وإذا قيل: قد أجمع التابعون على أحد قوليهم فارتفع النزاع. فمثل هذا مبني على مقدمتين:

إحداهما: العلم بأنه لم يبق في الأمة من يقول بقول الآخر وهذا متعذر

الثانية: أن مثل هذا هل يرفع النزاع مشهور، فنزاع السلف يمكن القول به إذا كان معه حجة; إذ على خلافه, ونزاع المتأخرين لا يمكن لأن

<<  <   >  >>