لأنهن كان يدخل عليهن الرجال أكثر من غيرهن وفي أكثر من وقت، بحكم مكانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكونهن أمهاتهم، فكان هذا من حكمة الله أن رتب الأمر على ذلك فبدأ بجعلهن أمهات للمؤمنين ثم حجبهن عن أبنائهن ليبين عظيم فريضة الحجاب على المؤمنات حتى لم يستثنِ منه أحدا، حتى أمهات المؤمنين، فكن بذلك مخصوصات دون أمهات العالمين عن الحجاب من أبنائهن.
ثم لما كان لابد للنساء من الخروج من بيوتهن أرشدهن الله بعدها مباشرة إلى كيفية الحجاب من الرجال حال الخروج من البيوت وذلك بطريقة إدناء الجلابيب عليهن كما هو قوله تعالى بعدها:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً}[الأحزاب: ٥٩].
فاستقام الأمر واستوى حجابهن عن الأجانب داخل البيوت بسؤالهن من وراء حجاب، وخارجها بلبسهن وإدناء الجلابيب عليهن، وجاءت الروايات العديدة والمتواترة عن الصحابة والتابعين لهم بإحسان في بيان طريقة ووصف وشكل ذلك الإدناء.
وجاء إجماع أهل العلم من المفسرين وغيرهم، كما مر معنا، أنها الأمر بستر النساء لوجوههن عن الرجال، دون أي مخالف.
ولهذا لما كانت سورة النور متأخرة في السنة السادسة للهجرة عن سورة الأحزاب التي كانت في السنة الخامسة هجريا، جاء في النور الرخص لإظهار المرأة زينتها عند الحاجة والضرورة، والرخص