أولاً- نلاحظ قول الطبري من بداية كلامه عن آية الإدناء فسرها بأنها تغطية الرؤوس والوجوه فقال:(يقول تعالى ذكره لنبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -: يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين: لا يتشبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن) انتهى. فهو قرر سلفاً أن الإماء يكشفن شعورهن ووجوههن وأن الله قال لنبيه أن يخبر زوجاته وبناته ونساء المؤمنين بعدم التشبه بهن في كشف الرؤوس والوجوه.
ولما وصل في كلامه إلى قوله تعالى:{يدنين عليهن من جلابيبهن} قال بعدها (ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به) أليس كلام الطبري واضحا وضوح الشمس من أنه لما وصل لقوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن} وأراد أن يفسر صفة الإدناء عليهن من جلابيبهن بالمأثور عن السلف ذكر في ذلك اختلاف صفة الإدناء، ولكن معناها ومؤداها واحد كما قرره سلفاً وهو تغطية الرؤوس والوجوه، وهذا ما يُعرف باختلاف التنوع لا اختلاف التضاد، وهذا مشهور ومعلوم من تفسير الإمام الطبري وغيره من تفاسير الصحابة والسلف وأهل الأثر من المحدثين، نجدهم يكررون الحديث الواحد في نفس الباب والموضوع لأدنى اختلاف في رجال السند أو لفظه وإن كان معناه واحداً، والمتأمل للطبري في تفسيره يجده يقف عند كل آية ويقول فيها (واختلف) مثل ما قال هاهنا فيُفصل ويعدد الأقوال والآثار وقد