للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولدنهم} [المجادلة: ٢]، ومعلوم أنهن رضي الله عنهن، لم يلدن جميع المؤمنين الذين هن أمهاتهم، ويفهم من قوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} أنه هو - صلى الله عليه وسلم - أب لهم، وقد روى عن أبي بن كعب وابن عباس أنهما قراء: وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم، وهذه الأبوة أبوة دينية، وهو - صلى الله عليه وسلم - أرأف بأمته من الوالد الشفيق بأولاده، وقد قال جل وعلا في رأفته ورحمته بهم: {عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم} [التوبة: ١٢٨] وليست الأبوة أبوة نسب كما بينه تعالى بقوله: {ما كان محمد أبا أحد من رجالكم} [الأحزاب: ٤] ويدل لذلك أيضا حديث أبي هريرة عند أبي دأود والنسائي وابن ماجه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها) (١) انتهى كلامه رحمه الله.

والأدلة غير ما ذكرناه لا يمكن حصرها، كما أنها متيسرة، فلا داعي لنقلها، فبعد قوله تعالى: {وأزواجه أمهاتهم} [الأحزاب: ٦] ونزولها وبخاصة بعد الآيات التي ألغت التبني وظهار الجاهلية فهم الصحابة أن الله عني بذلك أمومتهن بأسمى درجاتها وهذا هو ما كان قبل الحجاب فكثر دخول الناس عليهن ولهذا (قال عمر بن الخطاب: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب) (٢)،


(١) وقال مثله في "دفع إيهام الاضطراب عن آيات الكتاب" وقد تقدم في بداية الكتاب.
(٢) متفق عليه من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

<<  <   >  >>