للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثانياً- أن الإمام الطبري نقل الصفتين عن ابن عباس الأولى صريحة (أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عيناً واحدة) والثانية (أن تقنع وتشد على جبينها) والقناع معروف ومنه ما يلبسه أهل الحرب على وجوههم فلا يظهر منه إلا أعينهم ليبصروا بها، ولما كان قناع المرأة لا يثبت على وجهها كطريقة لبس قناع المحاربين الذي يثبت بوضعه من فوق رؤوسهم ليستر وجوههم؛ لهذا أمرها عند التقنع بشده وتثبيته على جبينها وعطفه على وجهها حتى لا يسقط منها فيظهر وجهها، فلو لم يفهم الإمام الطبري أن المعنيين عن ابن عباس بمعنى واحد كيف ينقل عنه قولين متعارضين ومتناقضين في تفسيره لنفس الآية دون أن يتعجب أو يتنبه لاختلافهما؟ أو يرجح أحدهما على الآخر، كما هي عادته رحمه الله؟ إلا أنه لم ير فيهما أي اختلاف يذكر، سوى أن ابن عباس أراد بيان طريقتين وكيفيتين وصفتين لستر الوجه لمن سترته بالسدل أو الإرخاء بأن ألقته على وجهها بطرف جلبابها أو غيره من خمار ونحوه، ومن سترته بطريقة التقنع أو النقاب أو اللثام أو البرقع ونحوهم فيكون بالشد على الجبين أوالعطف والضرب.

وفي هذا من الفائدة والفهم الدقيق في أهمية بيان اختلاف الطريقتين كما نقلها شيخ المفسرين عن سلف الأمة ما لا يغيب مثله عن الطبري أو علماء الأمة فضلا عن حبرها ابن عباس حيث يعلم أهمية ذكر الطريقتين، وأن المحرمة لا يجوز لها النقاب وما في حكمه من التقنع أو اللثام أو البرقع كما روى ذلك ابن عمر قال - صلى الله عليه وسلم -: (لا تنتقب المرأة المحرِمة ولا تلبس القفازين) أخرجه البخاري وغيره.

<<  <   >  >>