والمقصود أن مثل هؤلاء اعتقدوا رأيا ثم حملوا ألفاظ القرآن عليه وليس لهم سلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان ولا من أئمة المسلمين لا في رأيهم ولا في تفسيرهم وما من تفسير من تفاسيرهم الباطلة إلا وبطلانه يظهر من وجوه كثيرة وذلك من جهتين: تارة من العلم بفساد قولهم وتارة من العلم بفساد ما فسروا به القرآن إما دليلا على قولهم أو جوابا على المعارض لهم ... ) انتهى كلام شيخ الإسلام.
ولهذا فالحق أن أئمة الإسلام متفقون على أن ستر وجه المرأة المحرمة عند الرجال هو أوجب من قولهم لها بوجوب كشفه حال الإحرام، لهذا لم يتناقضوا، فمن نقل الإجماع على كشفه كابن عبد البر نقل أيضا في ذات المكان الإجماع على وجوب ستره سدلاً عن الرجال، ولا يمكن أن يكون لأن ستره عن الرجال، سنة ومستحب ومثله:
١ - قال ابن عبد البر - المالكي -: (وأجمعوا أن إحرامها في وجهها دون رأسها، وأنها تخمر رأسها وتستر شعرها وهي محرمة، أجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلًا خفيفًا تستتر به عن نظر الرجال إليها، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها أي وهي محرمة بنحو خمار إلا ما ذكرنا عن أسماء)(١) انتهى
٢ - ونقل الحافط ابن حجر في الفتح: (وقال ابن المنذر: أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا تستر به عن نظر
(١) التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (١٥/ ١٠٨).