الإمام النووي هو من نقل كلام القاضي عياض ومع ذلك قال بعده كلاما فسره به يدل على خطأ فهم دعاة السفور اليوم لقوله أو بترهم لكلامه ولعلهم - من غير قصد - لهذا لم ينقلوه بتمامه واقتصروا على نقل كلام القاضي بفهمهم الخاطئ له.
ولهذا سنورده كما جاء في شرح النووي لصحيح مسلم عند شرحه لحديث جرير رضي الله عنه:(قال القاضي: قال العلماء: وفي هذا حجة أنه لا يجب على المرأة أن تستر وجهها في طريقها، وإنما ذلك سنة مستحبة لها، ويجب على الرجال غض البصر عنها في جميع الأحوال إلا لغرض صحيح شرعي).
فقال النووي عقبه مباشرة:(وهو حالة الشهادة والمداواة وإرادة خطبتها، أو شراء الجارية أو المعاملة بالبيع والشراء وغيرهما ونحو ذلك، وإنما يباح في جميع هذا قدر الحاجة دون ما زاد والله أعلم)(١) انتهى كلامه.
فهذا هو فهمهم لكلام القاضي عياض، كما أن النووي مشهور بقوله بوجوب تحجب حتى الإماء ولو شعر أن في كلام القاضي شيء مما يقوله أهل السفور اليوم لما سكت عنه فما قاله بعد نقله لكلامه لهو من أدل الأمور على أنهم لم يفهموا من كلام القاضي سفور ولا شيء مما ينسبه إليه أهل السفور اليوم.
(١) شرح النووي على صحيح مسلم، باب نظر الفجأة (١٤/ ١٣٩).