وهذا أولى وأقوى من تضعيف غيرهم، فتصحيح هؤلاء فضلاً عن غيرهم ممن صححه هو وحده مقنع وكاف، فكيف لو لم يكن إلا الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى؟ .
ولأن من ضعفه إنما ضعفه بالشذوذ وهي مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه، والحقيقة أن الحديث ليس فيه شيء من القاعدة السابقة أبداً ولا من المخالفة لشيء من هذا أصلاً، بل فيه زيادة الثقة وزيادة العلم بالشيء وهي مقبولة باتفاق عند المحدثين.
كما يؤيد صحة حديث عرض الأعرابي ابنته لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاء أن يتزوجها ما جاء في الصحاح والمسانيد وغيرها من أن الرجل كان (يسايره) و (دفع معنا رجل) و (عرض له) أي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في مسيره فقد جاءت هذه كلها في روايات الحديث العديدة كما في صحيح ابن خزيمة ومسند البزار وأحمد عن الفضل رضي الله عنه قال:(كنت رديف رسول الله من جمع إلى منى فبينا هو يسير إذ عَرض له أعرابي مردفاً ابنة له جميلة وكان يسايره قال: فكنت أنظر إليها فنظر إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلب وجهي عن وجهها ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها حتى فعل ذلك ثلاثاً وأنا لا أنتهي فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة)(١) انتهى. وهذا شاهد يقوي أنهم (سايروه) و (عرض له أعرابي مردفاً ابنة له جميلة) و (دفع معنا رجل) وكون إبيها جعلها هي من تستفتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلها أمور مشعرة أنها لسبب عرض الأعرابي
(١) قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه لمسند أحمد: صحيح رجاله ثقات رجال الشيخين.