٣٥ - عن سَعْدَ بْنَ أبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ:(اسْتأذن عُمَرُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَعِنْدَهُ نِسَاءٌ مِنْ قُرَيْشٍ يُكَلِّمْنَهُ وَيَسْتَكْثِرْنَهُ، عَالية أَصْوَاتُهُنَّ، فَلَمَّا اسْتأذن عُمَرُ قُمْنَ يَبْتَدِرْنَ الحِجَابَ، فأذن لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَرَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَضْحَكُ، فَقَالَ عُمَرُ: أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ هَؤُلاَءِ اللَّاتِي كُنَّ عِنْدِي، فَلَمَّا سَمِعْنَ صَوْتَكَ ابْتَدَرْنَ الحِجَابَ قَالَ عُمَرُ: فأنتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كُنْتَ أَحَقَّ أن يَهَبْنَ، ثُمَّ قَالَ: أي عَدُوَّاتِ أنفُسِهِنَّ أَتَهَبْنَنِي وَلاَ تَهَبْنَ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قُلْنَ: نَعَمْ، أنتَ أَفَظُّ وَأَغْلَظُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا لَقِيَكَ الشيطان قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إلا سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ) متفق عليه.
فحجابهم من عمر دليل على أن الحجاب واجب وليس سنة ومستحب.
٣٦ - وعن أئمة التابعين وأعلامهم أخرج ابن جرير الطبري في تفسيره:(عن يعقوب قال: حدثنا ابن عُلَية، عن ابن عون، عن محمد بن سيرين، عن عبيدة السلماني (١) في قوله تعالى: {يا أيها النَّبِيُّ قُل لأزواجك وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المؤمنين يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جلابيبهن}[الأحزاب: ٥٩] فَلَبسَها عندنا ابن عون، قال: وَلبسها عندنا محمد بن سيرين، قال محمد: ولَبِسها عندي عَبيدة السلماني، قال ابن عون: فتقنَّعَ بردائه فغطّى أنفه وعينه
(١) عبيدة السلماني كاد أن يكون من الصحابة أسلم عام فتح مكة بأرض اليمن وأخذ عن صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كالخليفة الراشد علي بن أبي طالب وابن مسعود وغيرهما وكان إماماً في الفقه، وثَبْتا في الحديث، قيل إنه توفي سنة (٧٢ هـ).