قال:(والإدناء التقريب يقال أدناني أي قربني وضمن معنى الإرخاء أو السدل ولذا عُدّيَ بعلى، على ما يظهر لي، ولعل نكتة التضمين الإشارة إلى أن المطلوب تستر يتأتى معه رؤية الطريق إذا مشين فتأمل.
ونقل أبو حيان عن الكسائي أنه قال: أي يتقنعن بملاحفهن منضمة عليهن ثم قال: أراد بالانضمام معنى الإدناء، وفي الكشاف معنى {يدنين عليهن} يرخين عليهن يقال إذا زل الثوب عن وجه المرأة أدني ثوبك على وجهك. وفسر ذلك سعيد بن جبير بيسدلن عليهن.
وعندي أن كل ذلك بيان لحاصل المعنى (١)، والظاهر أن المراد بعليهن على جميع أجسادهن، وقيل: على رؤوسهن أو على وجوههن لأن الذي كان يبدو منهن في الجاهلية هو الوجه.
واختلف في كيفية هذا التستر:
- فأخرج ابن جرير وابن المنذر وغيرهما عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة السلماني عن هذه الآية {يدنين عليهن من جلابيبهن} فرفع ملحفة كانت عليه فتقنع بها وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى
(١) والحقيقة أنه ليس تحصيل حاصل على كل وجه، فإن كان ذلك في أن الجميع بمعنى تغطيته الوجه فنعم، وإن أريد بذلك عدم الفائدة من ذكر اختلاف الطريقتين في ستر النساء لوجوههن وأنه لا حاصل من ذلك فلا، حيث مر معنا ما هو معلوم من تحريم الطريقة الثانية والتي فيها الشد والعطف والضرب على الوجه مما يشبه النقاب كالبرقع والتقنع والتلثم لمن كانت متلبسة بالإحرام.