تعالى ما بينه لهم رسوله - صلى الله عليه وسلم - من معاني الآيات مما يحتاج إلى بيانه، وسؤالهم له عما أشكل عليهم في ذلك ولهذا المنهج نقل المتقدمون من أهل التأويل تفسير كل آية في موضعها كما جاءت عن السلف وبمرادها ومقصدها عنهم، دون أن يقيدوا فيما نقلوه هنا أو هناك أي ملحظ أو إشكال يدل على وجود خلاف تضاد في فريضة الحجاب.
قال شيخ الإسلام في مقدمة التفسير:(فإن قال قائل فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر وما اختصر من مكان فقد بسط في موضع آخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له ... وحينئذ إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة فإنهم أدرى بذلك لما شاهدوه من القرآن والأحوال التي اختصوا بها ولما لهم من الفهم التام والعلم الصحيح والعمل الصالح ... إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين) انتهى.
فسورة الأحزاب قد نزلت فيها مساءلة الرجال للنساء من وراء حجاب بمعنى عدم رؤيتهن أو الدخول عليهن في البيوت، إلا من الأصناف المذكورين في الآية، فإذا خرجن فيكون طريقة حجابهن عن أعين الرجال كما أرادها الله بالأمر بلبسهن للجلابيب وإدنائها عليهن، فاستوى الأمران هنا وهناك وانتهى الأمر على ذلك في السنة الخامسة للهجرة.