رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليوم الآخر وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ المؤمنين} [النور: ٢]، أليس من حق المرء أن يتساءل إن كانت آية {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}[النور: ٣١]، هي المتقدمة والمشرعة لفريضة الحجاب، والواصفة لبيان شكله وطريقته، كيف تنزل عقوبة شديدة كهذه ولم تسبقها آيات الحجاب ولم يسبقها الأمر للنساء بتغطية شعورهن ونحورهن كما يدعيه القائلون بسفور وجه المرأة؟ كيف ولم يسبقها البعد عن مثيرات الشهوات مع ما عرف عنهن من سفور قبل فرض الحجاب كما مر معنا من كلام أئمة أهل التفسير على قوله تعالى:{يدنين عليهنّ من جلابيبهنّ}(وذلك أن النساء كنّ في أول الإسلام على هجيرهنّ في الجاهلية متبذلات، تبرز المرأة في درع وخمار فصل بين الحرّة والأمة). وبالتالي فلا يعقل أن تنزل عقوبة الزنا في الآية الثانية من بداية السورة، ثم تأتي بعدها فريضة الحجاب متأخرة في الآية الحادية والثلاثين من قوله تعالى:{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.
هذا لا يعقل من حكيم خبير، القائل في محكم كتابه:{وما كان الله ليضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون إن الله بكل شيء عليم}[التوبة: ١١٥]، لتعلم أن فريضة الحجاب قد نزلت في سورة الأحزاب كما قرره أئمة أهل العلم وقبل آية {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}.
فالله لم يبدأ السورة بهذا الحكم والعقوبة الشديدة لكبيرة من الكبائر إلا بعد أن تدرج مسبقا في سد الوسائل المفضية إليه وأغلق جميع