للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرأى سواد إنسان فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفني فخمرت وجهي بجلبابي) متفق عليه.

ومع أن الحالة عصيبة والكرب كبير وقد رحلت القافلة وتركتها وحيدة وبعد معارك ضارية في ليل مظلم وصحراء مقفرة وأعداء متربصون ومع ذلك لما رأت أحد أبنائها من المسلمين ومن تعرفه وتثق به لم تبادره بكشف وجهها ليعرفها ولم تقل له أنا أمكم عائشة زوجة نبيكم - صلى الله عليه وسلم -، بل العكس سترت وجهها عنه ولم تكلمه ولا كلمة واحدة.

ولهذا ما عرفها إلا بهيئتها من خلف عباءتها السوداء لكونه يعرفها قبل الحجاب، ولو كان ستر الوجه خاص بزوجات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما يقوله البعض لعرفها بذلك، فكيف بهم اليوم يتركون هدي عائشة ويقولون بالاختلاط وسفور الوجه ومحادثة الرجال ومؤاكلتهم.

فهذه الواقعة والتي كانت سنة ست من الهجرة تؤكد ما قررناه سلفا من أن فريضة الحجاب كانت قبل ذلك كما أخبر أنس في مبتنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بزينب سنة خمس للهجرة في سورة الأحزاب وما فيها من آيات، وبالتالي فهي متقدمة على سورة النور وما فيها من آيات.

٤ - الحذر من خطوات الشيطان:

ثم بين الله لعباده الحذر من خطوات الشيطان فقال: {يا أيها الذين أمنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشيطان وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشيطان فإنه يَأمر بِالْفَحْشَاء وَالمنكر وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنكُم مِّنْ أحد أبدا} [النور: ٢١]، وهذا مما له

<<  <   >  >>