وقد بنى المتولي وآخرون الخلاف في المسألة على أن الخطبتين [بدل عن] الركعتين أو لا؟ إن قلنا: نعم، وجب الاستئناف، وإلا فلا.
وقال الفوراني: إنهما مبنيان على المولاة في الوضوء.
وقال في "الوسيط":إنهما يقربان من [قولي] الموالاة في الوضوء. ولم يبنهما عليهما، لكن ظاهر المذهب ثمَّ: أنها لا تجب، وهنا: أنها تجب، ويدل على الفرق بين البابين: أن الفصل بالعذر ثمَّ لا يقدح على أظهر الطريقين، وهنا لا فرق بين أن تفوت الموالاة بعذر أو بغير عذر؛ كما أبداه الإمام احتمالاً لنفسه، فقال: الذي أراه ذلك، ولولا ذلك لما ضر الفصل الطويل هاهنا؛ لأن سببه عذر الانفضاض.
وجعل الإمام الفرق بين ما ادعاه هنا وبين الوضوء: أن الطهارة غير معقولة المعنى، ولا يختل بترك الموالاة فيها غرض، ولكن من حيث إن الطهارة عهدت متوالية كما عهدت مرتبة، اشترطناه في قول [فيها]، فإذا فرض عذر لم يمتنع أن يعذر صاحب الواقعة.
على أنه قد ورد على حسب ذلك أثر عن [ابن] عمر، رضي الله عنه.
وأما اشتراط الموالاة في الأذان والخطبة، فإنه متعلق بمعنى معقول، فإذا اختل ذلك المعنى المعتبر، لم يظهر فرق بين المعذور وغيره.
ولو انفضوا بعد الفراغ من الخطبة، نظر: فإن لم يعودوا، وحضر غيرهم، فليس له إقامة الجمعة بهم من غير إعادة الخطبة، بلا خلاف.
قال القاضي الحسين: لأن من شرط الجمعة أن تنعقد جمعة بأولئك الذين سمعوا الخطبة؛ لأن الصلاة والخطبة في معنى واحد [و] كالشيء الواحد.
وإن عادوا بأنفسهم، نظرت: فإن عادوا قبل طول الفصل، صلى الجمعة بتلك الخطبة؛ لأن الخطبة والصلاة بمنزلة صلاتي الجمع، والفصل بينهما في يسير لا يقطع الجمع.
وإن عادوا بعد طول الفصل، ففي وجوب الجمعة- والحالة هذه- خلافٌ