للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مأخذه: أن الموالاة: هل هي شرط بين الخطبتين والصلاة أم لا؟ وفيها وجهان أو قولان، أصلهما: أن المزني نقل أن الشافعي قال: "فإن خطب بهم وهم أربعون، ثم انفضوا عنه، ثم رجعوا مكانهم صلى الجمعة، وإن لم يعودوا حتى تباعد أحببت أن يبتدئ خطبة، فإن لم يفعل صلاها بهم ظهراً" واختلف الأصحاب في ذلك:

فذهب بعضهم إلى الأخذ بظاهر النص، وقال: إعادة الخطبة مستحبة، وهو بالخيار بين أن يخطب ويصلي الجمعة، أو لا يخطب ويصلي الظهر أربعاً؛ لأنه لا يأمن في القضاء ما لحقه في الأداء.

وهذه الطريقة تنسب إلى أبي علي صاحب "الإفصاح".

وقال البندنيجي: إنها أضعف الطرق.

وقال في "الحاوي": إن بها قال أكثر أصحابنا، وهي أصح الطرق، وأولاها؛ لأن ظاهر كلام الشافعي عليها، وكذا قال ابن الصباغ: إنها ظاهر كلام الشافعي.

قال الماوردي: ولا يجوز له عندها، ولا إذا خطب بهم وفي الوقت اتساع: أن يصلي الظهر؛ بل يصلي الجمعة.

وذهب ابن سريج إلى أن الخطبة التي فعلها قد بطلت، ويجب عليه استئنافها والإتيان بالجمعة إذا بقي الوقت؛ لأن الخطبتين بمنزلة صلاتي الجمع أو ركعة من ركعتي الصلاة، ولو فصل بين ذلك فصلاً، بطل ما أتى به، ووجب الاستئناف، فكذا هنا.

وقول المزني: إن الشافعي قال: "أحببت أن يبتدئ خطبة" لا نعرفه للشافعي، وقد أخطأ فيه.

وبعضهم يروي عنه: أنه قال: ويجوز أن يكون خطأ من الناقل، وإلا فهو: "أوجبت عليه أن يبتدئ خطبة"، أو [يكون] قال: "أحببت"، وأراد: أوجبت؛ لأنه يقول: "أحب" ويريد الإيجاب، كما يقول: "أكره"، ويريد: المحرم، كما جاء في

<<  <  ج: ص:  >  >>