وفي "المهذب" وغيره حكاية وجه آخر جزم به في "الوجيز" والشيخ أبو علي فيما حكاه القاضي الحسين في كتاب السرقة: أنها تجب عليه؛ لأنه يملك بنصفه الحر ملكا تاما فوجبت عليه الزكاة كالحر، قال الروياني: وهو اختيار والدي والصحيح عندي الآن؛ لأن الشافعي نص على أنه تلزمه زكاة الفطر في نصفه الحر؛ ولأجل ذلك صححه الرافعي- أيضاً- واختاره في "المرشد"، وفرق ابن الصباغ بين زكاة الفطر والمال بأن زكاة الفطر تتبعض؛ فلذلك وجب عليه نصف صاع، ونصفه على السيد، بخلاف زكاة المال؛ فإنها لا تتبعض ولا تجب إلا على تام الملك.
قال: وأما الكافر فإن كان أصلياً فلا زكاة عليه لقول أبي بكر في كتاب الصدقة الذي سنذكره: "هذه فريضة الصدقة التي فرضها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المسلمين"؛ فإن مفهومه أنها غير واجبة على الكفار، ولأنه لا يطالب بها في حال كفره، ولا بعد إسلامه؛ فأشبهت الصلاة في حق الحائض.
قال في "المهذب": ولأنه حق لم يلتزمه [فلم يلزمه] كغرامات المتلفات وهذه العلة تقتضي قصر الحكم على الحربي، إذ هو الذي لا يلزمه غرامات المتلفات بخلاف الذمي مع أن الحكم في المسألة شامل لهما.
ثم كلام الشيخ غني عن التأويل على قولنا: إن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة، كما هو قول أبي حامد أما إذا قلنا: إنهم مخاطبون بها كما هو مذهب الشافعي والجمهور فنقول: مراده أنها لا تجب عليه كما تجب على المسلم حتى تؤخذ من ماله قهراً إذا امتنع من أدائها، وإن كان أثر الوجوب يظهر في تضعيف العقاب في الدار الآخرة، وقد أشار إلى ذلك القاضي الحسين- رحمه الله- وهذا ما احترز عنه الشيخ خاصة بقوله: مسلم؛ فإن المرتد سنذكر الخلاف فيه.