فإن قيل: عدم نفوذ تصرفه عند من رآه، كان لكونه محجورا عليه بنفس الردة حجر سفه، أو فلس أو مرض على اختلاف فيه، ولا يمكن من علل عدم الوجوب بكونه غير قادر على التصرف أن يلحقه بالمريض ولا بالسفيه؛ لأن الزكاة تجب عليهما وكذا لا يمكنه أن يلحقه بالمفلس المحجور عليه لأن الصحيح وجوب الزكاة عليه كما ستعرفه، فبطلت هذه العلة.
قلت: هذا لازم لو كان المنع مبنياً على منع التصرف، وليس كذلك، بل منع التصرف جاء مرجحا لما نحن فيه على الأصل المقيس عليه عدم الوجوب، وقد حكى القاضي أبو الطيب في باب الردة طريقة قاطعة ببقاء الملك ورد الخلاف إلى التصرف؛ عملا بنص الشافعي؛ فإنه قال هاهنا: إن الشافعي لم ينص على ملكه، وإنما نص على حكم تصرفه، وقضية بناء الزكاة على الملك: القطع بوجوبها على طريقة إن لم يلاحظ منع التصرف كما تقدم، وقد حكي عن الحناطي أنه قال: يحكي عن ابن سريج أنه تجب الزكاة على الأقاويل كلها كالنفقات والغرامات، والله أعلم.
فإن قيل: قد جزمتم القول بأنا إذا قلنا: إن ملكه موقوف كان أمر الزكاة موقوفاً: فإن عاد إلى الإسلام وجبت، وإلا فلا، وأي فرق بينه وبين الموصى له بنصاب زكاتي إذا حال عليه بعد موت الموصي، وقبل القبول حول ثم قبل، وقلنا: إن ملكه موقوف؛ فإنه لا تجب عليه الزكاة كما قاله القاضي الحسين والمتولي وهو أصح الوجهين في "التهذيب" وإن كنا نقول: لو تم الحول قبل القبول والرد، وقلنا: إنه ملك بالموت بالوجوب عليه وإن كان الملك يرتد برده.
قيل: الفرق أن في مسألة الوصية أصل الملك كان للميت، فلما لم يتحقق ثبوت الملك لم نوجب الزكاة قبله، [وهنا] أصل الملك ثابت فبقينا الحكم عند زوال العارض على ما كان، كذا قاله المتولي ويعكر [عليه] اتفاق الجمهور على أن المبيع في زمن الخيار إذا تم عليه الحول أو زهت الثمرة فيه، وقلنا بقول الوقف، وأجيز العقد أن الزكاة تجب على المشتري كما سنذكره إن