وقول محكي في "الذخائر": أن الطين لمن اعتاد أكله من غير مضرة لا يحرم.
وقال الماوردي: إن السموم على أربعة أضرب:
ما قتل قليله وكثيره، فأكله حرام.
وما قتل كثيره دون قليله، فأكل كثيره حرام، وقليله إن كان غير منتفع به حرام أيضاً، وإن كان منتفعاً به في التداوي، حَلَّ أكله تداوياً.
وما يقتل في الأغلب، وقد يجوز [ألا يقتل، فحكمه كالضرب قبله.
وما لا يقتل في الأغلب وقد يجوز أن يقتل] فقد ذكر الشافعي- رضي الله عنه- في موضع إباحة أكله، وذكر في موضع تحريم أكله؛ فوهم بعض أصحابه، وخَرَّج إباحة أكله على قولين، والصحيح: أن إباحة أكله في التداوي، وتحريم أكله إذا كان غير منتفع به في التداوي، والله أعلم.
قال: ولا يحل أكل شيء نجس؛ لأنه من الخبائث، وهي حرامُ للآية، ولا فرق في ذلك بين أن يكون نجس العين: كودك الميتة، والخمر، ونحوهما، أو متنجساً يمكن تطهيره على رأي: كالزيت، والشيرج، والماء، أو لا يمكن تطهيره: كاللبن، والسمن، والودك.
نعم: يجوز أن يطعم شاته وبعيره ونحوهما الخبز المعجون بالماء النجس؛ نص عليه الشافعي، رضي الله عنه.
وقال النواوي في "الروضة": إن في فتاوى صاحب "الشامل": أنه يكره إطعام الحيوان المأكول نجاسة، قال: وهذا لا يخالف ما نص عليه الشافعي في الطعام؛ لأنه ليس بنجس العين.
قال: فإن اضطر إلى أكل الميتة، أكل منها؛ لقوله تعالى:{فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ}[البقرة: ١٧٣] ومعناه: فأكل فلا إثم عليه، وقوله تعالى]:{فَمَنْ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣]، وقوله تعالى:{إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}[الأنعام: ١١٩]، لكن هل الأكل واجب أو لا؟ فيه وجهان:
أصحهما في "تعليق" القاضي أبي الطيب والحسين وغيرهما: نعم، وهو المنسوب