للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في "النهاية" للمحققين، ووجهه قوله تعالى: {وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ} [النساء: ٢٩] وقوله: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥] وهو إذا لم يأكل مع اضطراره، كان قاتلاً لنفسه، وملقيها إلى التهلكة؛ وعلى هذا يخرج عن الواجب بما يسد رمقه، ويكون أكله إلى أن يشبع [إن جوزناه] مباحاً؛ قاله الماوردي وغيره.

والثاني: لا يجب، وهو قول أبي إسحاق.

وقال الإمام: إن العراقيين زعموا أن هذا يخرج على أحد القولين في جواز الاستسلام، وهو بعيد جداً، ووجهه على بعده: أن المضطر قد يتردد [في درك حد الضرورة؛ فلا يأمن أنه لم ينته إليها، ولا يزال كذلك حتى يموت أو يقنع في حاله لا] ينفعه الأكل، وإنما حل أكل الميتة؛ لدفع الضرورة؛ [فيكون] تردد صاحب الضرورة في أمره كتردد من صال عليه إنسان في القدر الذي يدفعه به، مع حكم الشارع بوجوب الاقتصار على قدر الحاجة في الدفع.

وقد فرق البغوي بين المسألتين بأنه ثَمَّ يؤثر مهجة على مهجة، وترك تناول النجاسة لا يعادل إتلاف مهجته.

ثم هل يوصف ما [يأكله] بأنه حلال؟ الظاهر وصفه بذلك، لكن في "فتاوي" القاضي عند الكلام في السرقة: أنه لو حلف: لا يأكل الحرام، فأكل الميتة للضرورة- قال الشيخ العبادي: حنث في يمينه؛ لأنه حرام إلا أنه رخص فيه؛ وهذا يناظر ما ستقف عليه في باب ما يحرم من النكاح: أن وطء الشبهة حرام، وإن كان لا إثم فيه.

قال: ما يسد به الرمق في أحد القولين؛ لأنه بعد سد الرمق غير مضطر؛ فلا يباح له الأكل؛ لانتفاء الشرط الذي رتب عليه [عدم الإثم.

وقد قال السدي في تفسير قوله: {وَلا عَادٍ} [البقرة: ١٧٣]، أي: ولا عاد في

<<  <  ج: ص:  >  >>