للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استيفاء الأكل إلى] حد الشبع.

ولأن كل حكم تعلق بعلة إذا زالت العلة، زال الحكم بزوالها، وهذا ما نقله المزني في "المختصر"، واختاره.

وقال البندنيجي والقاضي الحسين: إنه مختار الشافعي- رضي الله عنه- أيضاً، وقد تابعهما القفال وكثير من الأصحاب؛ كما قال البندنيجي، وقفا أثرهم صاحب "المرشد" والنواوي.

قال: وقدر الشبع في الآخر؛ لأنه طعام جاز أن يتناول منه ما يسد رمقه؛ فجاز أن يشبع منه؛ قياساً على المذكاة؛ وهذا ما نص عليه الشافعي في كتاب سماه: ذبائح بني إسرائيل؛ كما قال أبو الطيب وابن الصباغ.

وقال البندنيجي: إنه أومأ إليه الشافعي في اختلاف أبي حنيفة وأهل المدينة.

قال الماوردي: لأنه قال بعد حكاية القول الأول: وما هو بالبيِّن، من قبل أن الشيء حلال أو حرام؟ فإذا كان حراماً فلا يحل منه شيء، وإذا كان حلالاً فلا يحتمل أن يحرم [عليه] منه شيء بشبع ولا غيره، ولأنه مأذون فيه.

قال أبو إسحاق المروزي: وهذا القول أقوى وأجود، وهو الذي صححه صاحب "الإفصاح"؛ كما في "البحر"، وإليه ميل القاضي أبي الطيب؛ لأنه قال بعد ذكر دليله: والجواب عما قلناه للقول الأول من الآيات: أن الضرورة قائمة؛ لأنه يحتاج إلى الشبع منها؛ ليقوى على ما هو بصدده؛ وذلك لا يحصل إلا بالشبع؛ لأن سد الرمق لا يقويه ولا يعينه عليه.

والجواب عن الآخر: أن الاضطرار علة في ابتداء الأكل دون استدامته، ولا يمتنع أن يكون الشيء علة في الابتداء دون الاستدامة: كخوف العَنَت وعدم وجود صداق حرة في نكاح الأمة؛ فكذلك لا يمتنع أن يكون الاضطرار علة في الابتداء دون الاستدامة.

قال في "التهذيب": ولأن الأصل هناك التحريم حتى تتحقق الضرورة، وهاهنا الأصل الإباحة حتى يشبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>