مراجعته وإعلامه بحاله، وهذا ما ادعى الغزالي: أنه الأصح.
وفيه وجه: أنه لا يستأذنه- قال الإمام-: لأنه إنما يظهر اشتراط ذلك حيث يفيد التحريم لو عدم الإذن، أما إذا كان مأخوذاً على كل حال، فلا معنى لاشتراطه.
قلت: وسيأتي لهذا الوجه نظير نذكره في آخر باب الربا.
والقائلون بالأول شبهوا ذلك بالظفر بمال المديون، لا يجوز أخذ حقه منه ما لم يعجز عن إذنه، وقد اتفقوا على أنه يجب على مالك الطعام بذله [له] لكن بثمن المثل في الحال إن كان المضطر قادراً عليه ولا يؤدي تشاغله بتسليمه إلى تلفه إن كان معصوم الدم، كالمسلم والذمي والمعاهد؛ أو في الذمة إن كان عاجزاً عنه أو أدى تشاغله بتسليمه إلى تلفه.
ويجب على المضطر شراء ذلك منه أو قبوله، وهكذا نقول فيمن رأى شخصاً قد أشرف على الحريق أو الغرق، لكنه متشبث بشيء أو يسبح سباحة ضعيفة وتتسع المدة للموافقة على بذل أجرة- يجب عليه تخليصه بأجرة يشترطها عليه، وتجب على ذلك موافقته، ولا يجب عليه تخليصه مجاناً؛ جمعاً بين الحقين، ودفعاً للضررين، ويجيء فيه الوجه السابق.
نعم: لو أدى التشاغل بتعاطي الشراء أو تقدير الأجرة إلى التلف، وجب الإطعام والبذل والتلخيص مجاناً على الأصح، وهو الذي أورده ابن الصباغ تبعاً للقاضي أبي الطيب.
وزاد البندنيجي فقال: لو خاف المضطر على نفسه إن تشاغل بالموافقة، فاستلب المال وأكله، فلا قيمة عليه.
وقيل: إذا أوجر المضطر العام في هذه الحالة، رجع بثمن مثله.
والخلاف جارٍ فيما لو ناوله الطعام، ولم يذكر له شيئاً مع إمكان ذلك، فأكله المضطر.
ووجه الرجوع: أنه خلصه من الهلاك بذلك، فرجع عليه بالبدل؛ كما في العفو عن القصاص.
وعلى الصحيح ينطبق قول الماوردي: أنه لو أذن له في الأكل، ولم يسم له ثمناً