وقال الماوردي: أصح من هذين الوجهين عندي: أن ينظر: فإن كانت الزيادة في الثمن لا تشق على المضطر؛ ليساره، فهو في بذلها غير مكره [وإن كانت شاقة عليه؛ لإعدامه فهو في بذلها مكره] فلم تلزمه.
أما إذا كان صاحب الطعام- أيضاً- مضطراً إليه، لم يبح لغير المالك من المضطرين أكله بدون إذنه، ولا يجب على المالك بذله له قال القاضي الحسين والفوراني والروياني: إلا أن يكون نبياً؛ فحينئذ يجب عليه أن يعطيه له ويؤثره على نفسه، سواء استدعى منه ذلك، أو لم يستدعه؛ لقوله تعالى:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} الآية [الأحزاب: ٦].
نعم: يستحب له إيثار غير النبي به إذا كان معصوماً بالإسلام؛ لقوله تعالى:{وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ}[الحشر: ٩].
قال صاحب "الإبانة" و"البحر": ويجب عليه القبول.
قلت: وفيه نظر.
ولا يجوز أن يؤثر به المعصوم من الكفار ولا بهيمة نفسه؛ صرح به البغوي.
فرع: إذا كان لرجل دابة جائعة، أو كلب غير عقور جائع، ومع صاحبه علف أو لحم- وجب أن يعلف دابته، ويطعم كلبه، فإن لم يفعل، فلصاحب الدابة أن يغصبه؛ قاله في "التهذيب".
[فرع] آخر: إذا بلغ الشخص من الجوع مبلغاً مضراً، قال الإمام في كتاب صلاة الجمعة: فلست أرى تدارك هذا من فروض الكفايات، فإن هذا لو قيل به، لأدى إلى تأثيم خلق الله تعالى على عموم الأحوال، فإن الحاجة عامة، والضرر غالب في الأصحاء والمرضى.
نعم: يجب على الإمام تعهدهم وسد خلتهم من سهم المصالح.
قال: والدليل عليه أن من اضطر وانتهي إلى خوف الهلاك، فله أن يأخذ، ولو جاع لم يكن له ذلك.
نعم لو خلا بيت المال عن المال، ففي هذا نظر.
قال: وإن وجد صيداً- أي: حياً- وميتة، وهو محرم، أي: أو في الحرم؛ كما