قال القاضي الحسين في "تعليقه": هذا ينبني على تفريق الصفقة، وقدر ما يخبر به العقد.
فإن قلنا: لا تفرق الصفقة في الانتهاء، وينفسخ العقد في القائم أيضاً.
وإن قلنا: تفرق ويأخذ القائم بجميع الثمن، فلا معنى للتحالف؛ لأنه في الأولى لا يدعي بقاء عقد في الحال حتى يرد عليه التحالف، وفي الثانية يلزمه جميع العبد في مقابلة الثوب الذي في يد المشتري، وإن قلنا: يأخذه بالحصة، فيتحالفان؛ لأنه نزاع في قدر ما يلزم تسليمه من العبد المُشْتَرَى.
قال الإمام: وهذا الذي ذكره حسنٌ سديدٌ، ولكن يتطرق الكلام إليه في شيءٍ، وهو إذا قلنا: البدل في مقابلة الباقي، فهذه الحالة لو جرت تضمنت خيار البائع، والمشتري ينكره؛ فقد أدى التنازع إلى تناكر في الخيار، وهو مستند إلى نزاع في المعقود عليه؛ فيتجه التحالف كما لو تنازعا في شرط الخيار، ثم قال: هذا نظرنا الآن، والرأي بعد ذلك مشترك بين الفقهاء.
قلت: ويتجه أن يقال: الاختلاف الذي يقتضي التحالف ما ينقص به الثمن أو يزيد، كما صرح به الأصحاب آنفاً، وذلك في أمر يقترن بالعقد أو ما في معنى الاقتران؛ إذ هو حالة المقابلة، وإذا كان كذلك فهذا الخيار المختلف فيه بعد ذلك يثبت؛ فلا يقتضي زيادة في الثمن ولا نقصانا، ويصح ما قاله القاضي، والله أعلم.
قال: "فيبدأ البائع؛ لما روى النسائي عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم - أمر البائع أن يحلف، ثم يختار المبتاع، فإن شاء أخذ، وإن شاء ترك، ولأن جنبته أقوى بعد التحالف؛ إذ المبيع يرجع إلى ملكه، والأصل في اليمين أن يكون من طرف مَنْ جانبه أقوى، ولأن البائع يأتي بصدر العقد؛ فكان أولى بالبداية، وهذا نصه هاهنا، ويوافقه نصه في السلم أنه يبدأ بالمسلم إليه، وفي الكتابة بالسيد، ويخالفه نصه في الصداق على أنه يبدأ بالزوج، وهو في رتبة المشتري، ولأجله خرج بعض الأصحاب منه قولاً