قال: وقيل: لا يرد [له] البدل؛ لأن الله تعلى أباح له الأكل، ولم يوجب القضاء؛ ولأن [ذلك] جاز له العمل فيه، فلم يلزمه بدله: كالمستأجر، والإمام إذا أكل من بيت المال، وهذا [الخلاف] رواه المحاملي وجهين، وأنه ذكرهما في "الوصايا".
وقال ابن الصباغ: إن الشافعي خرجه على قولين.
تنبيه: إنما عدل الشيخ عن صيغة "احتياج الولي" إلى "احتياج الوصي"؛ لأمرين سأذكرهما:
أحدهما: أنا قد ذكرنا أن لفظ "الولي" يشمل الأب والجد وغيرهما، وما ذكره في هذه المسألة بجملته لا يجيء في الأب والجد؛ لأنهما إذا كانا محتاجين من غير أن يكون لهما نظر في مال الولد كانت نفقتهما فيه، ولا يجب عليهما رد البدل، فكيف بك مع عملهما في المال؟! لو ذكر لفظ "الولي" – كما فعل ابن الصباغ والرافعي – لاندرج فيه الأب والجد.
فإن قيل: الشيخ قد اختار فيما إذا كان الأب أو الجد صحيحاً أن نفقته لا تجب على الولد، وهذا صحيح؛ فاستوى هو الوصي في ذلك.
قلت: إنما لم يجب في هذه الحالة على رأيه، وإن كان غيره قد صحح الوجوب، كما ستقف عليه في موضعه؛ لأنا جعلنا قدرته بالتكسب كقدرته بالمال، وقد تعذر عليه هنا التكسب؛ بسبب حفظ المال والتصرف فيه؛ فصار كما لو لم يكن كسوباً.
الثاني: على تقدير أن يكون حكم الأب والجد في رد البدل كالوصي، فالمراد: التنبيه على أن للوصي أن يستقل بأخذ ما يحتاج إليه من غير مراجعة الحاكم فيه، وإن كان قابضاً من نفسه لنفسه، ومثل هذا في غر هذه الحالة لا يسوغ [له]، بل هذا من مرتبة الأب والجد، فلو ذكر لفظ "الولي" لاحتمل أن