للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقال: أراد به الأب والجد، كما قلنا: إن كلام الغزالي يفهم، فأراد نفي هذا الاحتمال.

واعلم أن قول الشيخ: "وإن احتاج الوصي أن يأكل" لفظ "الأكل" ليس المراد حقيقة، بل خصه بالذكر؛ لأنه أعم وجوه الانتفاعات؛ كما جاء في قوله تعالى: {وَلا تَاكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَاكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى} [النساء: ١٠] ويدل على ذلك أن المحاملي قال: "إذا احتاج الوصي أو الأمين الذي نصبه الحاكم إلى شيء من المال الذي يلي عليه، فيجوز أن يأخذه منه، والله أعلم".

فرع: إذا تبرم الأب بحفظ مال الطفل، فله رفع الأمر إلى الحاكم لينصب قيماً بأجرة، وله أن ينصب نفسه، ذكره الإمام في كتاب "النكاح".

ولو طلب الأب من القاضي أن يثبت له أجراً على عمله، قال الرافعي: فالذي يوافق كلام أكثر الأصحاب أنه لا يجيبه إليه، غنيًّا كان أو فقيراً؛ لأنه إذا كان فقيراً ينقطع عن كسبه، فله أن يأكل منه بالمعروف كما ذكرناه، وقد ذكر الإمام أن هذا هو الظاهر، ثم قال: ويجوز أن يقال: ويثبت له أجراً؛ لأن له أن يستأجر من يعمل، وإذا جاز له بدل الأجرة لغيره جاز له طلب الجرة لنفسه، وبهذا الاحتمال أجاب الغزالي في كتاب "النكاح"، ومن قال بهذا قال: لابد من تقدير القاضي، وليس [له] الاستقلال به.

وهذا إذا لم يجد متبرعاً بالحفظ والعمل، فإن وجد متبرعاً وطلب الأب الأجرة فقد أشار في "النهاية" إلى احتمالين أيضاً، أظهرهما: أنه لا يثبت له؛ لحصول المقصود من الأجنبي كما يحصل من الأب، بخلاف الأم [إذا طلبت أجرة الإرضاع] وثم متبرعة على الظاهر؛ لما في ذلك من التفاوت الظاهر.

قال: وإذا بلغ الصبي، وعقل المجنون، وأونس منهما الرشد – انفك الحجر عنهما: أما في الصبي؛ فلقوله تعالى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>