وفي الحاوي حكاية خلاف في ذلك حكاه عند الكلام في أن الآجر هل يجوز له أن يستأجر العين المستأجرة من المستأجر؟ وقال: إن الشافعي أشار إلى ذلك في كتاب الرهن، قال: تصح ممن يصح منه البيع؛ أي ولا تصح من غيره؛ لأنه قد ثبت أنها بيع وهذا حكم البيع.
قال: وتصح بلفظ الإجارة؛ لأنه الموضوع لها، ولا فرق في ذلك بين أن يضيف الإجارة إلى العين بأن يقول: أجرتك هذه الدار شهراً من الآن بكذا، كما اتفق الأصحاب عليه أو يضيفها إلى المنفعة بأن يقول: أجرتك منفعة هذه الدار كما صرح به ابن الصباغ، وصاحب المرشد، والقاضي الحسين في ضمن فرع أوله: إذا كان جمل بين رجلين مشتركا.
وعلى هذا: يكون ذكر المنفعة ضرباً من التأكيد كما لو قال: بعتك عين هذه الدار أو رقبتها فإنه يصح وقد صدر في التهذيب [كلامه بهذا الوجه ثم قال: وقيل: لا يصح، وهو ما حكاه القاضي الحسين في أول هذا الكتاب وكذا الإمام ومن تابعه].
ووجههه القاضي: بأن لفظ الإجارة إذا أضيف إلى شيء يقتضي منفعة ذلك الشيء فإذا أضيف إلى المنفعة اقتضى منفعة المنفعة وليس للمنفعة منفعة، وحكم إضافة لفظ الكراء بالمد إلى الدار أو إلى المنفعة حكم إضافة لفظ الإجارة إلى ذلك، وقد صرح بالصحة فيما إذا أضيف إلى المنفعة القاضي أبو الطيب حيث تكلم في الصور المصححة لمقصود المزارعة في كتاب المزارعة.
قال: وبلفظ البيع؛ لأنه قد ثبت أنها بيع والبيع ينعقد بلفظه، وهذا ما حكي عن ابن سريج، والمعتبر عنده: أن نضيف العقد إلى المنفعة فيقول: بعتك منافع هذه الدار شهراً من الآن بكذا فلو أضافه إلى العين فقال: بعتك الدار شهراً بكذا كان بيعاً فاسداً لتأقيته.
وحكى الشيخ في المهذب وغيره وجهاً آخر: أنه لا يصح عقد الإجارة بلفظ البيع، وادعى القاضي الحسين، وصاحب التهذيب: أنه الأصح، والإمام، والغزالي، والرافعي أنه الأظهر؛ لأن البيع مخصوص بالأعيان عرفاً.
ويحكى عن أبي العباس الروياني حكاية طريقة أخرى قاطعة به.
وحكى الإمام اتفاق الأصحاب على أنها تنعقد بلفظ التمليك لعدم اختصاصه بعقد.