للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحكى في التهذيب طرد الخلاف في لفظ البيع فيه، وقد تقدم في باب المساقاة حكاية وجه في انعقاد الإجارة بلفظ المساقاة.

قال: وتصح على كل منفعة مباحة؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق: ٦] فثبت جوازها على الإرضاع بهذه الآية مع كثرة الغرر فيه؛ لأن اللبن قد يقل ويكثر، وكذلك شرب الرضيع، فجوازها في غيره من طريق الأولى على أنه قد وردت أخبار وآثار في جوازها على غيره، وقد قال الشافعي: لو لم يكن في الإجارة إلا هذه الآية لكانت كافية في الدلالة عليها؛ ولأن المنافع كالأعيان، فإذا جاز عقد البيع على الأعيان جاز عقد الإجارة على المنافع.

واعلم أن الشروط المعتبرة في المنفعة سبعة:

أحدها: أن تكون مباحة، وليس المراد بها ما يعتبره الأصوليون فإن الاستئجار للحج وتفرقة الزكاة وغسل الميت وحمله ودفنه [وتعليم القرآن المفروض منه عيناً: وهو الفاتحة، وكفاية: وهو ما عدا الفاتحة كما صرح به الإمام فيكتاب الصداق] جائز [بالاتفاق إذا لم يتعين ذلك على المستأجر]، وكذا إذا تعين عليه بأن لم يكن ثمة غيره على أصح الوجهين، بل المراد [ألا] تكون محرمة.

الثاني: أن تكون مقدوراً على تسليمها.

الثالث: أن تكون معلومة القدر والصفة إما برؤية العين المؤجرة أو بالوصف إن حصل به الغرض.

الرابع: أن يكون الشروع في استيفائها بالعقد، وهذا ما ذكره الشيخ مصرحاً به.

الخامس: أن تكون متقومة، واحترز به عن المنفعة التافهة؛ كما إذا استأجر تفاحة للشم، فإنه لا يجوز كما لا يجوز بيع حبة من الحنطة وإن كان تفاحاً جاز كما قاله الرافعي فإنه لا يتقاعد عن استئجار الرياحين والمسك للشم، وقد نصوا على جوازه.

السادس: ألا يتضمن العقد عليها استهلاك عين قصداً واحترز به عن استئجار الأشجار لثمارها والشاة للبنها والبركة لحيتانها، ونحو ذلك، وقد استثنى استئجار المرضعة للرضاع كما سنذكره على وجه، وكذا الدار التي فيها بئر فإنه يستوفي ماءها تبعاً لا قصداً، وجعل الرافعي المجوز للاستئجار على الرضاع الضرورة

<<  <  ج: ص:  >  >>