الثالث: قول الشيخ: فإذا عمل له ذلك استحق [عليه] الجعل، يعرفك أن القبول باللفظ لا يعتبر وهو كذلك فيما صوره الشيخ اتفاقاً، وكذا [فيما] لو كان الخطاب مع معين بأن قال: إن رددت عبدي فلك كذا؛ على المذب، ويكفي الإتيان بالعمل. وقال الإمام في هذه الحالة: لا يمتنع أن يخرج على الخلاف في اشتراط القبول في الوكالة، ولا يمتنع مع ما ذكرناه الفرق: من جهة أن الوكالة لا تحتمل إبهام الوكيل المستعمل، والجعالة تحتمله؛ فإنه لو قال: أذنت لكل من أراد في بيع عبدي هذا، لم يصح التوكيل، ولو قال: من رد عبدي، صح، وذكر مجلي ما أبداه الإمام وجهاً في اعتبار القبول، وحكاه الإمام في باب المسابقة عن الأصحاب.
فرع: لو قال: من رد عبدي الآبق من البصرة في الشهر فله كذا، قال القاضي في "المجرد": فلا يجوز؛ لأنه يكثر بذلك الغرر وعلى ذلك جرى المتولي.
قال: ويجوز [أن يعقد] على عمل مجهول، أي: لا يمكن ضبطه كرد الآبق والضال ونحوه؛ للآية والخبر، ولأن الجهالة إذا احتملت في القراض؛ توصلاً إلى تحصيل الأرباح من غير اضطرار، فلأن تحتمل في الجعالة أولى؛ ولذلك تغتفر جهالة العامل وتعدده؛ لأن المعين والواحد قد لا يتمكن من تحصيل المقصود، ومن يتمكن منه قد لا يكون حاضراً، وإن كان حاضراً فقد لا يعرفه المالك، فإذا أطلق الاشتراط وشاع ذلك [بلغ] من يتمكن منه، [وأدى] إلى تحصيل الغرض؛ فاقتضت مصلحة العقد احتماله. وكذا تجوز جهالة المردود بأن يقول: من رد أحد عبدي الآبقين فله كذا، وإذا رد أحدهما استحق، وإن كان أقل قيمة، كما صرح به القاضي [الحسين].
أما العمل المجهول الذي يسهل ضبطه فلا بد فيه من الضبط، فإذا قال: من يبني لي حائطاً، فلا بد من ذكر البناء، وطول الحائط، وسمكه وارتفاعه، وما ينبى به. وكذا إذا قال: من خاط لي ثوباً، فلا بد من وصفه ووصف الخياطة. قال: ولا يجوز إلا بعوض معلوم؛ لأن هذا العقد جوز للحاجة، ولا حاجة إلى احتمال