تعليق استحقاق بشرط، والرجوع عن الوصية جائز؛ فكذلك هاهنا: ووجهه الإمام بأن انتهاءها غير معلوم، وما كان كذلك فثبوته على اللزوم بعيد كالقراض، بخلاف المساقاة والإجارة؛ فإن المقصود منهما مضبوط. وهذا ظاهر فيما إذا كان العمل مجهولاً، أما إذا كان معلوماً كبناء حائط، وخياطة ثوب، فلا.
فرع: إذا رجع الجاعل مع علم المجعول له، ثم عمل- لا يستحق شيئاً. ولو رجع ولم يعلم به العامل إلا بعد العمل، فسيأتي حكمه.
قال: وأما بعد الشروع في العمل فيجوز للعامل الرجوع فيه. أي: ولا يستحق لما عمل شيئاً؛ لأنه أسقط حظ نفسه ولا فرق [في ذلك] بين أن يكون قد قطع بعض المسافة أو عمل بعض العمل ووقع مسلماً؛ كما إذا شرط الجعل في مقابلة تعليم القرآن لصغير حر، فعلمه بعضه أو غير مسلم. نعم، لو شرط الجعل في مقابلة التعليم كما ذكرنا، فمات الصبي قبل تمام التعليم- استحق أجرة المثل، وكذا لو جعل على خياطة ثوب، فخاط بعضه، ثم تلف في يد المالك، أو في مقابلة بناء حائط، فبنى بعضه، ثم تعذر إتمامه كما قاله القاضي أبو الطيب ولو تلف [الثوب] قبل أن يصل إلى المالك، لم يستحق شيئاً كما صرح به ابن الصباغ. وكذا قال الإمام في كتاب الخلع فيما إذا جعل له جعلاً في مقابلة رد ثلاثة أعبد، فرد واحداً: إنه يستحق حصته.
ولم يتعرض لقدرته على رد الباقي، ولا لعجزه عنه.
وظاهر كلامه يقتضي الاستحقاق، وإن لم يتعذر فإنه جعل ذلك أصلاً لاستحقاق الزوج الحصة فيما إذا قالت: طلقني ثلاثاً على ألف. فطلق واحدة. ولو كان شرط استحقاقه الحصة العجز عن رد الباقين، لم يجز جعل ذلك أصلاً لمسألة الطلاق.
ولا خلاف في أنه إذا هرب العبد في أثناء الطريق، أو بعد حضوره إلى باب دار مالكه، وقبل تسليمه إلى السيد أو من يقوم مقامه: أنه لا يستحق شيئاً من الجعل؛ لأنه لم يحصل شيئاً من المقصود.